top of page
صورة الكاتبالبهائيُّون في المغرب

العمل عبادة

تاريخ التحديث: ٢٣ مايو ٢٠١٨


كما جرت العادة يستيقظ العديد من الناس باكرا، يهيئون أنفسهم للشروع في عملهم، ويتوكلون على الله. إنَّهم يزاولون عملهم بكل صبر وأناة وبمنتهى الإتقان والتفاني. فما يقومون به يتعدى مجرد كسبٍ لقوت يومهم، إنهم يخدمون الآخرين ويعملون على إسعادهم. هذه هي الصورة التي علقت في أذهاننا منذ الصغر عن مغاربة مُبدعين مُتفانين في عملهم، فَخورين ومُتشبثين بهويّتهم، خَدومين لمواطنيهم، مُنتجين ومُفيدين لبلدهم. أفلا يُعَدُّ عملهم هذا عبادة؟

   

إنّ مفهوم "العملُ عبادة" هو مفهوم نتشاركه جميعاً في مجتمعنا. فإذا كان الهدف من عبادة اللّه هو تطوير الصفات الروحانية من وفاء وإخلاص وانضباط وتفانٍ، فبِتَجَلِّي هذه الصفات عند مزاولة المرء لعمله يكون عَمَلهُ عِبَادَةً. والعمل الذي يُؤَدَّى بروح الخدمة والتفاني يُعدُّ تجسيدا لكل تلك المواهب الإلهية التي يسعى إليها الإنسان جاهدا من خلال صلواته وعباداته، وتحقيقا للهدف الأسمى الذي خُلق له ألا وهو بروز صفاته الروحانية وقدراته الفكرية والإبداعية. عبادة الله لا تتجلى في مزاولتنا لشعائرنا الدينية فحسب، بل تبرز أيضا عند قيامنا بأعمالنا اليومية بمنتهى التفاني والإخلاص، لأنّ ذلك هو ما يعكس مدى تشبّعنا بتلك التعاليم والقيم التي تدعو إليها كل الديانات، ويتوق لها كل إنسان نبيل.


إذا أمعنَّا النظر في هذا المبدأ يتكوّن لدينا أكثر من استنتاج. فمثلاً، إحدى الاستنتاجات المباشرة هو واجب الحد من التسول الذي أصبح آفة في الكثير من البلدان حتى المتقدمة منها. فمن جهة يتعين علينا توفير الفرص لكل فرد من أجل تكوينه وتأهيله، وإيجاد الوسائل اللازمة لاستغلال كفاءاته ومهاراته، وذلك تحقيقا للمنافع التي تعود من استغلال هذه الكفاءة في حد ذاتها، ولتمكينه من كسب أسباب العيش. ومن جهة أخرى، فكل فرد مهما كان محدود الإمكانيات ملزم بأن يشتغل بعمل من الأعمال أو المهن.

يتفضّل حضرة عبد البهاء :

"على كلّ فرد أن يعمل بوظيفة أو تجارة أو صناعة حتّى يخفّف عبء الآخرين وليس أن يكون عبئا ثقيلا عليهم".

استنتاج آخر يمكننا استخلاصه هو أن توارث الثروة لا يعفي الإنسان من واجب العمل والاشتغال. فإيماننا بنبل كل إنسان وإيقاننا بأنه منجم لتطوير الطّاقات والمهارات أمر جوهري، إذ لا تقتصر أهمية الاشتغال على المنافع المادية فحسب، وإنّما هو أمر مهم في حد ذاته لأنه يقربنا إلى الله ويمكّننا من تفهم الغاية من هذه الحياة الدنيا.


يتفضل حضرة بهاء الله :

"فضل الإنسان في الخدمة والكمال لا في الزّينة والثّروة والمال، اجعلوا أقوالكم مقدّسة عن الزّيغ والهوى وأعمالكم منزّهة عن الرّيب والرّياء. قل لا تصرفوا نقود أعماركم النّفيسة في المشتهيات النّفسيّة ولا تقتصروا الأمور على منافعكم الشّخصيّة، أنفقوا إذا وجدتم واصبروا إذا فقدتم إن بعد كلّ شدّة رخاء ومع كلّ كدر صفاء، اجتنبوا التّكاهل والتّكاسل وتمسّكوا بما ينتفع به العالم من الصّغير والكبير والشّيوخ والأرامل ..."

١٢٤ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

コメント


bottom of page